أسطورة المصارعة صافي طه وداعاً.. ولن ننساك
علي حميدي صقر
"أسطورة" المصارعة.. "أعجوبة" المصارعة.. "نابغة".. المصارعة.. ثلاثة ألقاب كانت اسماً على مسمى لبطل لبنان الأولمبي صافي طه الذي بلغ من النجومية ذروتها وطبقت شهرته الآفاق أواخر الاربعينيات وأوائل الخمسينيات في لبنان ودنيا العرب قبل أن يهاجر الى الولايات المتحدة الأميركية في الستينيات شأنه في ذلك شأن آلاف اللبنانيين الذين ذرعوا كوكب الأرض سعياً وبذلاً وعطاء حتى بات وطنهم لبنان أكثر شهرة من بلد المليار نسمة الصين.
هذا المصارع الأسطورة وافته المنية يوم الاحد الماضي فانتقل من دار الفناء الى دار البقاء، ونعاه الاتحاد اللبناني للمصارعة ونادي اسامة الرياضي الذي نشأ فيه وترعرع وجلّى حتى غدا نجم نجوم اللعبة لبنانياً وعربياً وإقليمياً ودولياً.
نبأ الوفاة تلقاه رئيس الاتحاد اللبناني للمصارعة فؤاد رستم من شقيق الاسطورة خليل طه، المهاجر أيضاً الى اميركا، والذي انتهج نهجه وكان أحد أشهر أبطال لبنان والعالم العربي في اللعبة عينها، وأحد أبرز أبطال العالم على حلبتها في تلك الحقبة.
يقول فؤاد رستم: "بمزيد من الأسى والحزن ننعى للرياضيين اللبنانيين والعرب عامة وأسرة المصارعة خاصة فقيد الحركة الرياضية، اسطورة المصارعة المرحوم صافي طه، الذي وافته المنية يوم الاحد 22 شباط 2009 عن عمر ناهز الـ86 عاماً (من مواليد بيروت عام 1923)، قضى معظمها في خدمة الحركة الرياضية، وتحديداً لعبته المفضلة التي تألق في ميدانها حتى غدا اسطورتها دون منازع. لقد كان صافي طه ظاهرة فريدة في لعبة المصارعة إذ كان يمتاز بدماثة الخلق وبقوة جسدية نادرة، وفن رفيع، وليونة في العضلات تفوق حدّ الوصف، وهذه الصفات الثلاث اذا ما توافرت في لاعب المصارعة فإنه حتماً سيكون من نجومها، وقد كان".
ويضيف رستم: "لقد مثل صافي لبنان في الالعاب الاولمبية، التي اقيمت في لندن عام 1948، واحتل المركز السادس. وفي بطولة العالم التي اقيمت في استوكهولم عاصمة السويد عام 1950 وفاز بالميدالية الفضية. وشارك في الالعاب الاولمبية في هلسنكي عام 1952.
وعام 1952 نظم الاتحاد الدولي للمصارعة، لأول مرة، بطولة العالم الثأرية في اسطنبول ـ تركيا وهي منافسات تجمع بين الاول في المصارعة اليونانية ـ الرومانية والاول في المصارعة الحرة في كل وزن على حدة، وقد دعي صافي طه للمشاركة فيها فخسر في المصارعة الحرة وفاز بذهبية المصارعة اليونانية الرومانية، وبناء على طلب الاتحاد اللبناني منحت الدولة صافي طه وسام الاستحقاق تقديراً للانجازات التي قدمها في كل من السويد واسطنبول.
وعام 1954 أحرز صافي طه بطولة أميركا بعد هجرته اليها ثم عين مدرباًُ لمنتخبها للعبة، ثم كان وراء نشر المصارعة "اليونانية الرومانية" انطلاقاً من فلوريدا، مقر إقامته، بعدما كانت المصارعة الحرة هي الأكثر شعبية وانتشاراً في الولايات المتحدة الأميركية.
تزوج صافي طه في ريعانه بسيدة لبنانية تدعى "ملكة ضاهر" ورزق منها ولداً سمياه "جميل". ثم تزوج بسيدة أميركية الجنسية لبنانية الاصل تدعى "روز صباغ" فرزق منها خمسة شباب هم: خليل وحسن ومحمد وسمير ونادر، وفتاة واحدة سمياها ندى. وقد سمى اثنين من ابنائه باسم شقيقيه خليل وحسن.
وعلى المستوى الفني يقول رستم: "كانت أول مقابلة بين المصارعين اللبنانيين وإخوانهم السوريين، وفي عام 1994 اتفق الاتحادان المصري والسوري على إقامة مباراة بين منتخبيهما، وارتأى الاتحاد السوري أن يستعين بنجومنا البارزين ليمثلوا بلدهم لأوّل مرّة في الخارج فوقع الاختيار على الثلاثي صافي طه وشريف دمج وابراهيم محجوب، ففاز أبطالنا الثلاثة وأدهشوا مصر ولاعبيها وإدارييها وأكدوا أهليتهم لإحراز المراكز المرموقة في المقابلات القادمة". أضاف: " وعام 1946 دعا محمد الكعكي، بوصفه رئيس اتحاد المصارعة، منتخب الاسكندرية الذي يضم نخبة المصارعين المصريين لزيارة لبنان ومقابلة منتخب بيروت "ففاز مصارعنا صافي طه وتعادلنا في مباراتين وخسرنا ثلاث مباريات". وتابع: "حين جاء موعد ردّ الزيارة لمصر سافر أبطال لبنان لأول مرة في بعثة رسمية تمثله في الخارج، وكان ذلك عام 1946، فكان لهذه الزيارة صدى بعيد في الأوساط الرياضية المصرية إذ تغلب معظم أبطالنا على أشقائهم المصريين، وكان أبرز أبطال لبنان المجلين النابغة صافي طه، ومنذ ذلك الحين أصبح للبنان مركزه المرموق في ميدان لعبة المصارعة اليونانية الرومانية إذ لفت إنجاز أبطالنا الحكومة اللبنانية فأدركت ضرورة رعاية هذه اللعبة ودعم أبطالها".
وقال رستم: "إن صافي طه تولى تدريب منتخب لبنان الوطني بعد هجرته الى أميركا بسنوات، وكان ذلك بتكليف من اتحاد المصارعة استعداداً للدورة الرياضية العربية الثالثة التي استضافها المغرب في الدار البيضاء ما بين 14/8 و8/9/1961. وقد أحرز المصارعون اللبنانيون في ذلك العام 5 ميداليات ذهبية و11 ميدالية فضية. وعقب انتهاء الدورة عاد صافي طه الى مقر إقامته في فلوريدا في الولايات المتحدة الأميركية، ثم أرسل هدية قوامها 7 بسط اميركية دولية للمصارعة مساعدة منه لجمعيات المصارعة اللبنانية تسلمها صديقه الحميم مليح عليوان وتولى توزيعها بين نوادي اسامة واطفائية بيروت (كان احد عناصره في الخمسينيات) والرياضي ـ بيروت والفتوة الغبيري والمعني صيدا والبشارة ونادي عباد الرحمن، وقد جيّر نادي أسامة هديّة صافي طه الى نادي زهرة الشباب الطرابلسي".
وختم رستم: قابلت صافي طه أثناء بطولة العالم في توليدو أوهايو وكان حينها مدرباً لمنتخب أميركا فتمنيت له التوفيق وكان ذلك عام 1962.
كلمة أخيرة.. أسطورة المصارعة صافي طه.. وداعاً.. ولن ننساك